كرم جبر

لماذا جنّ جنون تركيا؟  

الخميس، 18 يوليو 2013 06:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تظن تركيا أنها مازالت «الباب العالى»، وأن السلطان العثمانى فى الأستانة هو صاحب الأمر والنهى فى مصر، يصدر الفرمانات، ويرسل التجريدات لتأديب الخارجين على الطاعة، ويعلق رؤوسهم على باب زويلة؟.. وهل يُخيل لرئيس وزرائها أردوغان أن له كلمة على مصر وجيشها وشعبها؟.. ولماذا جنّ جنونه بعد ثورة 30 يونيو والإطاحة بمرسى، فتجاوز حدود اللياقة والأدب والأعراف الدبلوماسية التى تحترم مبدأ عدم التدخل فى شؤون الدول الأخرى، ويدس أنفه بشكل عدوانى سافر فى شؤون مصر؟.. وهل يفعل أردوغان وحكومته ذلك بكاءً على الديمقراطية فى مصر، وهو الذى يسحل شعبه ويقمع تظاهراته السلمية؟.. ومنذ متى كانت تركيا مهتمة بالشأن المصرى إلى هذه الدرجة؟.. وهل هو دفاع عن الشرعية والإسلام، وهى الدولة الأكثر تعاونا من إسرائيل فى جميع المجالات؟
تركيا لا تفعل ذلك من أجل عيون الإخوان، ولا حباً فى مرسى والشرعية والصندوق، لأنها دولة برجماتية تتحالف مع الشيطان، ولا تعرف غير مصلحتها، وكانت تخطط لأن تكون الراعى الرسمى للمخططات الأمريكية، وتقود مشروع الشرق الأوسط الكبير فى صورته المعدلة، والذى يتيح لإسرائيل التهام الأراضى الفلسطينية المحتلة، وتعويض حماس بقطعة من سيناء الغالية تكون وطنا بديلا للفلسطينيين، وساعدهم على ذلك هرولة الإخوان لاستكمال السيطرة على مصر جريا وراء أحلام دولة الخلافة الإسلامية، حتى لو كان الثمن تفتيت وحدة الأراضى المصرية.
جنّ جنون تركيا بالذات، لأن ثورة 30 يونيو قضت على أطماع التغلغل التركى فى الشرق الأوسط، ذلك الحلم القديم الذى توافق مع أوهام الخلافة الإخوانية. وأكدت التسريبات التى نشرتها حماس فى أغسطس الماضى أن هذه الدول، وبمباركة إخوانية، اتفقت على إنشاء منطقة حرة تشمل غزة والعريش، وأن التكلفة الإجمالية للمشروع تتراوح بين 100 و200 مليار دولار على مراحل، وهو ما يكفى لإنشاء دولة جديدة، وليس منطقة حرة عادية.
وتشير التسريبات أيضا إلى توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد الوطنى الفلسطينى، والدول المعنية بالمشروع برعاية تركيا، لإنشاء شراكة بين القطاع الخاص لإدارة المشروعات، وفقا للقوانين والمعاهدات الدولية، باعتبار أن تركيا لها سابق خبرة فى إدارة وإنشاء المناطق الحرة.
ولم يكن للجانب المصرى أى دور، وبدأت بالفعل الخطوات التنفيذية للمشروع بشراء الفلسطينيين للأراضى فى المنطقة، لولا تدخل القوات المسلحة ووقف هذه المهزلة. لا أريد الاستسلام لنظرية المؤامرة عند مناقشة هذه التسريبات التى كانت حماس تروّج لها كنوع من جس النبض، وأطرافها حماس وتركيا تحت الرعاية الأمريكية، فهى الأطراف المستفيدة سياسيا واقتصاديا.
ولم تعترض إسرائيل لأنها سترتاح من صداع الدولة الفلسطينية دون أن تنسحب من شبر واحد من الأراضى الفلسطينية المحتلة، ويصب المشروع فى النهاية فى مجرى الشرق الأوسط الكبير الذى تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه لتطبيع إسرائيل، وتطويع الدول الرافضة لوجودها، وتستطيع واشنطن فى الوقت نفسه أن تخلق محوراً سنيا بزعامة الإخوان، ودعم تركيا بجانب دول الخريف العربى، لتستدعيه وقتما تشاء للحرب نيابة عنها ضد النفوذ الإيرانى.
تصور هؤلاء أن مخططهم قاب قوسين أو أدنى من أن يرى النور، لولا انتفاضة الشعب المصرى العظيم فى 30 يونيو، والتى ساندتها القوات المسلحة، حفاظا على وطن عظيم تحيط به المؤامرات من الداخل والخارج، وكانت ضربة قاصمة زادت جنون المتآمرين وكيدهم.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة